أمي فلسطين .. لا تبكي ولا تهني
فلسطين .. تجاهلناها .. ونسينا حجم الألم الذي اعتصر بداخلها .. ولم نُحس بِعُمق الجُرح الذي خُطَّ في قلبها منذ زمن ..
" فلسطين أكبر من الجميع " , " فلسطين أم الجميع " , " جميعنا فداءً لفلسطين " ، .. شعارات رفعناها ..
لو
صدقنا في قولنا لأطعناها .. ولما رضينا لها بالعار والإهانة .. ولمَسحنا
دموع القهر التي تكوي فؤادها , تلك الدموع التي تحاول جاهدة أن تخفيها
علينا , بعد أن تجاهلناها منذ زمن ..
فلسطين
تناديكم تقول لكم .. ما أنتم فيه اليوم هو لأنكم لم تثأروا لي منذ زمن ,
لم تعنِكم دموعي وقهري وتغافلتم عن جراحي ،أنتم اليوم تدفعون الثمن ,
وأدفع أنا ثمن صمتي عن أبناءٍ يأتون لي بالعار في كل ليلة !
أمٌّنا بِيعت في أوسلو , باعها أبناؤها ، صادروها وسلموها للصهاينة !
أَيُعقل أن نرضى بأن تُسلم أمّنا للصهاينة !؟
هاهم بعض أبنائها يشدون على أيديها ويرفضون أن يتنازلوا عن كرامتها وعزتها ..
لكن
المؤلم .. أن بعض الأبناء .. ما زالوا يفخرون بمن باعها ! .. ويُقدِّسونهم
، ويسيرون على خطاهم ويدافعون عنهم ،ويكذبون لأجلهم ، ويسرقون ويحرقون
لأجلهم ، وينافقون لأجلهم , ثم ينسبون أنفسهم إلى فلسطين !!
اقتسم الفريقان ..
فريق يرفض أن يبيع كرامته ويحارب لأجل أن يتسرد حقوق أمه المسلوبة ..
وفريق تنازل وهان وبعد أن باع لم يندم ! بل أصرَّ على فعلته ولم يكتفِ بها , فبعد
أن باع الأم في أوسلو , باع أبناءها في جنيف وأباح قتل أبنائها من
المجاهدين الذين أصرّوا أن يدافعوا عنها .. رغم عمق الأسى في قلوبهم بسبب
إخوتهم الذين ارتدوا وهانت عليهم كرامة أمهم !
بيعت الأم وبيع الإخوة بثمن بخس .. دراهم معدودة .. وقُتل الباقون .. وبقي الآخرون بين مطارد وسجين !
كل هذا لم يكن ألما صنعه المغتصب , بل للأسف صنعناه نحن بأيدينا أو " صنعته أيدي إخواننا " !
تصمت فلسطين وتُخرج من قلبها آهات ممزوجة بدموع العين ..
تبكي ابنها الذي يبيعها وتبكي ابنها المظلوم الذي رفض أن يبيعها..
تبكي فلسطين لأنها لا تستطيع أن تتبرأ من ابنها الأول وتبكي لأنها لا تجيد الدفاع عن ابنها الثاني " فالكون كله ضده " !
أناديكِ أمي فلسطين وأقول لك ما قاله الله لنبيه نوح عليه السلام حين استنجد لابنه الذي خان الله ودينه وأخذته العزة بالإثم ..
(قَالَ يَا
نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ**إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا
تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُ**أَنْ تَكُونَ
مِنَ الْجَاهِلِينَ) (هود:46)
ارفعي
رأسَكِ أمي إنهم ليسوا من أبنائك وليسوا من أهلك إنهم باعوك وباعوا دينهم
وهانت عليهم حرمات الله , دنسوها كما دنسكِ الصهاينة بأيديهم ..!
إنهم
عملٌ غير صالح , اصرخي بأعلى صوتك ودافعي عمَّن يدافع عنك ممن برَّك وأحسن
في الذود عن حماك وتقديم الغالي والنفيس لأجلكِ ولأجل أن تعودي حرةً أبية
..
فلسطين تحييكم وتحيي كل من وقف يدافع عنها من أبنائها الشرفاء ولا ترضى بعد اليوم إلا أبناءً شرفاء.